أحمد مراد (القاهرة)

على مدى ما يقرب من 15 عاماً، وبالتحديد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تبنت قطر مشروعاً مشبوهاً عمل على نشر العنف والفوضى والصراعات الطائفية في مختلف المدن والمحافظات العراقية بشكل يخدم الأجندة الإيرانية في المنطقة العربية بصفة عامة والعراق بصفة خاصة.
وفي إطار المشروع المشبوه الذي تتبناه الدوحة لتدمير وحدة العراق ونشر الفوضى والفتن الطائفية على أراضيه، جاء الدعم القطري غير المحدود للميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية المنتشرة على الأراضي العراقية، وبدأ هذا الدعم مع مؤسس فرع «القاعدة» في العراق مصعب الزرقاوي الذي احتضنته الدوحة وقدمت له العديد من التسهيلات التي وفرت له حرية التنقل بين العراق وأفغانستان، حيث منحته جواز سفر قطرياً، فضلاً عن دعم مالي بنحو مليون دولار، وذلك بهدف تقوية التنظيم الإرهابي في العراق.
وكان إياد علاوي، الذي تولى رئاسة الحكومة العراقية المؤقتة التي تلت مجلس الحكم العراقي في الفترة من 28 يونيو 2004 إلى 6 أبريل 2005، قد سبق أن اتهم قطر بتبني مشروع لتقسيم العراق، مؤكداً أن الحكومة القطرية روجت لمشروع يفضي إلى إقامة إقليم سني وآخر شيعي.
وفي أبريل 2018، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، رسائل مسربة، كشفت عن أن قطر دفعت ما يقرب من مليار دولار لجماعات وتنظيمات إرهابية في العراق بصورة فدية مقابل الإفراج عن 25 قطرياً بينهم 9 أفراد من الأسرة الحاكمة اختطفوا في العراق أثناء رحلة صيد عام 2015، ودخلت الدوحة عبر سفيرها في العراق زايد بن سعيد الخيارين، في مفاوضات سرية مع الجماعات الإرهابية لتحرير مواطنيها.
وكشفت الصحيفة الأميركية عن أن صفقة تحرير الرهائن، كانت تقوم على دفع 150 مليون دولار نقداً للأشخاص والجماعات الذين لعبوا دور الوساطة لتحرير الرهائن، وهم أشخاص تدرجهم الولايات المتحدة منذ مدة طويلة في قوائم الإرهاب. وتضم الأطراف الوسيطة كلاً من الحرس الثوري الإيراني وكتائب حزب الله العراقية. وجراء دخول عدة أطراف على الخط، ارتفع المبلغ المطلوب للإفراج عن الرهائن إلى مليار دولار.
وبالتزامن مع ذلك، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، تحقيقاً استقصائياً، أشار إلى أن قطر تستخدم خطوطها الجوية في نقل الميليشيات الإرهابية المسلحة، ودعمها بالأموال اللازمة لنشر مخططاتها المناهضة للمنطقة العربية. وكشف التحقيق عن تورط قطر في نقل الأموال إلى ميليشيات مسلحة في العراق.
وكانت العديد من التقارير الدولية قد كشفت عن تورط بعض الشخصيات القطرية في دعم الجماعات الإرهابية في العراق بشكل مباشر، ويأتي على رأسهم عبد الرحمن بن عمير النعيمي، المتهم بتحويل 1.5 مليون دولار شهرياً إلى مسلحي «القاعدة» بالعراق. وبحسب تصريحات نقلتها وسائل إعلام مختلفة عن رئيس المجلس الموحد لعشائر بغداد والمحافظات الـ 6 رعد السليمان، أغدقت قطر أموالها بسخاء في العراق في سبيل إثارة القلائل وتقويض جهود الاستقرار.
وعندما نجح تنظيم داعش في السيطرة على مدينة الموصل العراقية في 2014، حرصت قناة الجزيرة القطرية على الترويج للتنظيم الإرهابي ولقياداته، بزعم أنه تنظيم إسلامي يهدف لحماية المكون السني. وبعدما تمكن الجيش العراقي من تحرير الموصل بالكامل وتطهيرها من عناصر التنظيم الإرهابي، عثر بعض الجنود على لوحات سيارات صادرة من قطر، وكشف مسؤول إحدى اللوحات في معرض بغداد الدولي الذي أقيم بعد تحرير الموصل.
ونقلت العديد من الصحف والمواقع والفضائيات الإخبارية تصريحات للبرلماني العراقي، شعلان الكريم، شيخ عشائر البوعيسي، شدد فيها على أن قطر مارست التخريب في العراق منذ عام 2003، مؤكداً أن الدعم القطري للإرهاب في العراق لم يتوقف في أعقاب الغزو الأميركي للعراق، وأنها دعمت تمويل الميليشيات بالمال والسلاح، وتسببت في إشعال الفتنة الطائفية بين أبناء المكونات العراقية. وأوضح أن قناة الجزيرة، دعمت أهداف قطر وإيران لخدمة تنظيم «داعش»، وعملت على تحسين صورة التنظيم الإرهابي بالإصرار على استخدام مسمى «الدولة الإسلامية» عند نشر بياناته التخريبية، فضلاً عن أنها عملت على إدارة مشهد الانقسام الطائفي من خلال خطابها الإعلامي، مكررة ما حدث في زمن حكومة علاوي عندما قامت القناة بزيادة وتيرة سموم الطائفية، وتحريضها للشباب للقتال، وبثت أفلاماً تابعة لـ«القاعدة» والفصائل التي تميل للتنظيم، والتي تحرض على العنف والاقتتال.